اسمحوا لي يا إخوة. لم أستطع تمرير ما قرأت منذ أيام مرور الكرام. البشرى السارة كانت عن ربط إجازتي عيد الأضحى والعيد الوطني ليصبح لأطفالنا 10 أيام للتسكع في الشوارع والمولات. فكيف لاقتصادنا أن ينمو من دون كل هذه الإجازات المتكررة؟ كتبت قبل أسابيع عن كثرت الإجازات في الإمارات حتى إننا أصبحنا نتحول من مجتمع إنجازات إلى إجازات. للتو خرجنا من إجازة الصيف الطويلة ليبدأ شهر رمضان الذي يضنه البعض شهراً للكسل وقلة الإنتاج ومن ثم بدأت إجازة عيد الفطر وبعد أيام يعاد ماراثون الإجازات من جديد. فكيف أصبح يومان 10 أيام؟ ألا يكفي أن نأخذ أول يوم عيد الأضحى ويوماً للعيد الوطني. واسأل نفسك، هل أفضل طريقة لتكريم القادة الذين أسسوا هذه الدولة هي أخذ 10 أيام من دون عمل ولا إنتاج؟ كتبت أن في سنغافورة يوجد فارق 50 يوماً من الدراسة أي شهرين ونصف الشهر من التعليم أكثر من دولة الإمارات. تحولت سنغافورة في غضون ثلاثة أو أربعة عقود منذ استقلالها من دوله نامية إلى دولة متطورة، ولم تفعل ذلك من خلال منح مواطنيها إجازات كثيرة لا داعي لها. قد نأخذ نحن في دولة الإمارات أكثر من ذلك بكثير لنصبح دولة متطورة، ولا أقصد هنا العمارات والمباني ولكن أقصد تطوير الإنسان.كتب أحد الإخوة تحت رد المجلس الوطني الطويل على مقالي السابق «من قريت مقالته عن الإجازات قبل فترة بسيطة.. وأنا متوقف عن قراءة مقالاته». وكتبت إحدى الأخوات اسمها أم محمد تحت مقالي «كثرة الإجازات ولا يوم للشيخ زايد»، معلقة «حاسدين الفقير ع موتة الجمعة». طريقة التفكير هذه لن تنفع بلدنا الغالي.
انظر إلى أولادنا وبناتنا ماذا يفعلون في أيام الإجازة؟ أليس من الأجدر بأن يقوموا بتعلم برنامج على الحاسوب الآلي مثلاً ينفعهم في المستقبل أو ممارسة الرياضة؟ الحقيقة أضحكني أسلوب نشر الخبر، فإليكم النص لمن يهتم «إن الوزارة ارتأت أن هذا القرار (أي عشرة أيام إجازة) يُعد منطقياً وأكثر فاعلية، كما ان التجارب السابقة لمناسبات مشابهة تؤكد صحة هذا القرار، لأنه يسهم في استقرار الأسرة التعليمية والأسرة بشكل عام، مؤكداً أن الوزارة تسعى الى خلق المزيد من الاستقرار في الميدان التربوي، وهذا ما تنتهجه عبر قراراتها التي تنبع من وإلى الميدان وليست بمعزل عنه».
كيف يسهم يا وزارة إعطاء إجازة 10 أيام في «استقرار الأسرة»؟ هل مثلاً كانت الأسرة ستتفكك إذا لم تأخذ إجازة 10 أيام؟ أو كان الأب سيطلق الأم؟ نعرف يا وزارتنا الكريمة بأن القرار ليس بيدك، ولكن لا ينبغي أن نخلط الأمور هكذا.
واسألوا الآباء والأمهات هل من مصلحة أبنائكم أن يغيبوا من المدارس أم أن تقتضي مصلحتهم أن يبقو فيها حتى يتعلموا؟ البعض منكم يؤيد هذا القرار لأنه يريد الإجازة، وليس لأبنائكم مصلحة بالجلوس أمام التلفاز لعشرات الساعات للعب البلاي ستيشن أو زيارة مراكز التسوق؟ فليس كل مواطن يستطيع السفر إلى الخارج في كل إجازة مع أسرته.
وفي الختام يا أختي أم محمد أنا لا أحسد الفقير على موتة الجمعة، ولكني كمواطن أحب مصلحة الإمارات الغالية، وأغبط سنغافورة على نظامها التعليمي.
This article was originally published in Emarat Alyoum on November 15, 2009. A screenshot of the article can be downloaded here.