لا شك في أن تحسن وضع المرأة الإماراتية في العقود الأربعة الماضية، يشكل مصدر فخر للمواطن الإماراتي والعربي. الأرقام تثبت كل شيء، فالعنصر النسائي موجود في الجامعات ودوائر العمل بنسبة 60٪ من المنتسبين والموظفين، لكن هل توجد عواقب اجتماعية غير مقصودة لهذه الظاهرة؟أ أول إشارة نستطيع أن نستدل بها هي حجم الأسرة الإماراتية، الذي في معظم الأحيان يكون أصغر كلما ازداد مستوى تعليم الآباء والأمهات بسبب ما يُسمى بالتخطيط الأسري.
ومع ازدياد نسبة النساء الإماراتيات المتعلمات والناجحات في مجال العمل غير المتوازن مع المقارنة بالشباب الإماراتي، ستجد المرأة الإماراتية أن عليها إن كانت تريد الزواج من إماراتي أن تختار من أعداد متناقصة نسبياً من حيث مستوى التعليم المماثل، فبالإضافة إلى الضغوط الاجتماعية على الشاب الإماراتي، بأن يبدأ بكسب لقمة العيش لنفسه بأسرع وقت ممكن، تقوم الحكومة من دون قصد بتشجيع الشباب بترك التعليم، بتقديم وظائف جاهزة لهم لا تحتاج إلى شهادات عليا.ومع أن الإمارات دولة متقدمة، إلا أنها متمسكة بالكثير من العادات والمفاهيم الموروثة، فالأسر الإماراتية لا تتمنى فقط لبناتها الزواج، لكن تتوقع أن يحدث ذلك بغض النظر عن مستوى تعليم الفتاة، حتى أنني سمعت أن بعض الأمهات يطلبن من بناتهن أن يرضين بالنصيب إن كان مستوى تعليم الرجل أقل منهن، وذلك إن وافق الشاب الإماراتي على الزواج من فتاة تفوقه في مستوى التعليم بدرجات. من الناحية الأخرى، أجد كلمة عانس التي يطلقها البعض على الفتيات غير المتزوجات وبعضهن في سن الـ،20 كلمة تحمل معاني سلبية، وكأن المرأة إنسان ناقص من دون الزواج. فللمرأة حق ألا تتزوج، أو أن تتزوج متأخرة في السن إن أرادت، من دون أن نلصق بها كلمات غير لطيفة المعنى.
أعلينا أولاً أن نعترف بحق النساء في الزواج بمن يكبرهن أو يصغرهن سناً، بالإضافة إلى حق المرأة في عدم الزواج إن أرادت ذلك من دون تسميات مسيئة. لكن هل من حلول لهذه المعضلة التي تتفاقم حتى من دون أن يلاحظها المجتمع؟
أولاً على الدولة أن تشجع الشباب الإماراتي على الالتحاق بالجامعات حتى تتوازن نسب الخريجين من الجنسين.. ثانياً، ينبغي لنا أن نعطي الحق نفسه، الذي يتمتع به الرجل للمرأة باختيار جنسية الزوج من دون تفرقة، أو ظلمها بإعطاء أبنائها جوازات سفر من دون جنسية وعدم إدراج أسمائهن في قوائم منح القروض للمنازل الحكومية.
ففي العقدين المقبلين سوف تتغير التركيبة السكانية للإمارات، ليس فقط بسبب عدم زواج الكثير من الإماراتيين، لكن أيضاً بسبب الحركة غير المنقطعة لوصول الأجانب، حتى مع عواقب الأزمة المالية العالمية التي لن تتوقف من دون عوامل خارجية، كازدياد التوتر السياسيأ في المنطقة، فتصبح بذلك مسألة عدم زواج الإماراتية مسألة أمن وطني تحتاج إلى دراسة ومراجعة عاجلة.
أخيراً، هو حقاً أمر غريب أن نعاقب الفتاة الإماراتية المتعلمة، إما بتسميات مهينة أو عدم إعطائها حقوقاً كاملة بمن تريد الزواج منه، وفي الوقت ذاته نتوقع منها أن تتزوج من حوض متناقص نسبياً من الشباب الإماراتي المتعلم، هذه المسألة تهم الرجال بالإضافة إلى النساء، فالأرقام تثبت كل شيء.
This article was originally published in Emarat Alyoum on May 02, 2010. A screenshot of the article can be downloaded here.