يكاد لا يمر شهر من دون أن نسمع عن حريق هائل في إحدى شبرات المنطقة الصناعية في الشارقة، ورأينا ردات فعل الجمهور في التعليقات على صفحات «الإمارات اليوم» تصب في أمرين، أولاً الاهتمام بسلامة الموظفين ورجال الإطفاء، والأمر الآخر هو التساؤل: لماذا هذا العدد الكبير من الحرائق في الشارقة؟في البداية لابد من الإشارة إلى أن مأساة الحرائق متكررة، وللأسف في جميع الإمارات، فرجال الإطفاء الشجعان في دبي كان عليهم إطفاء حريق في منطقة القوز في مارس ،2008 سماه وكيل وزارة الداخلية في الإمارات الفريق سيف الشعفار، أحد أكبر الحرائق في تاريخ الإمارات إذ بلغت الخسائر بسببه 900 مليون درهم، وفي ديسمبر أالماضي نشب حريق في إحدى العمارات في العاصمة الإماراتية تسبب في وفاة شخصين اختناقاً وإصابة 32 آخرين، وليس غريباً أن أنرى سيارات إطفاء من دبي تنقل رجال الإطفاء إلى الشارقة بسبب قرب المدينتين، وهو إشارة إلى العلاقات الأخوية بين الإمارات جميعها.
في الواقع إطفاء الحريق يعد معالجة الأمر بعد وقوع الواقعة، كثيرون منا في الإمارات يرون مواقف تجعلنا نحمد الله أنها لا تنتج عن حرائق. فشاهدت بعيني أشخاصا يدخنون السجائر والمدواخ في محطات البترول، ونرى أحياناً مباني لا تحترم أبسط قواعد السلامة كترك مسافات بين المباني حسب تعليمات الجهات المسؤولة. وفي بعض الأحيان نرى حواجز قد تحول دون أوصول سيارات الإطفاء في حال نشوب حريق، حتى إنه لا توجد منظومة عناوين للشوارع لإرشاد رجال الأطفاء من دون الإشارة إلى معالم مدنية، وربما أهم أمر يتسبب في هذا العدد من الحرائق هو عدم إدراك الأفراد كيفية تجنب الحرائق في المنزل والعمل.
حين أنهيت دراستي ورجعت إلى الإمارات تفقدت أجهزة الإطفاء في العمارة التي تحوي مكاتبنا، ولاحظت أنه على الرغم من وجودها، أنها لم تفحص منذ عقد من الزمن، فيجب على كل فرد منا أن يفحص أجهزة الحرائق في منزله ومكان عمله ويتأكد من صلاحيتها ومكان وجودها.
وعودةً إلى حريق الشارقة الأخير، فحسب غرفة صناعة وتجارة الشارقة يوجد 60 ألف مصنع وورشة عمل موزعة على 71 منطقة صناعية، هي الأكبر على مستوى الإمارات. وفي يوم الحريق الأخير نفسه، في مصنع أصباغ ناشيونال كانت أقد نقلت جريدة «الاتحاد» أن لجنة التفتيش الطارئ على المنشآت في الشارقة أوقفت التعامل مع 10 شركات إطفاء بسبب «تركيب أجهزة ومعدات وقطع للوقاية مقلدة لا تعمل بكفاءة حال وجود أي حرائق في المنشآت»، يا لها من كارثة؟ أين الضمير عند هؤلاء؟! ألا يستحقون أن يحاسبوا كمجرمين؟ إن هذه المعدات قد تجد طريقها إلى أي منزل، أو مؤسسة أو مدرسة في الإمارات.
ومهما كانت حرفية أو إخلاص تلك اللجنة فإن طاقمها يبلغ 89 شخصا عليهم تغطية عشرات آلالاف من المنشآت في المناطق الصناعية وهو عمل شاق بأي مقياس، وينبغي أأنأ نفكرأجميعاً كيف يمكن مساندتهم وغيرهم من المسؤولين في الإمارات.
وكانت إمارة أبوظبي قد أعلنت أخيراً عن تطبيقها «كود الحريق» الجديد الذي يتضمن شروطاً جديدة للسلامة العامة في البنايات، وأنظمة لكشف الدخان، ومضخات تلقائية للمياه، وأجهزة إطفاء داخلية ضمن أمور أخرى. أتمنى لو تم تطبيق هذا النظام الجديد في أنحاء الامارات كافة، ليكون نظاماً موحداً.
في الحقيقة سيكون من المستحيل إيقاف جميع الحرائق، ولكن من واجبنا أن نفعل كل ما نستطيع لتجنبها بتثقيف المجتمع، وتفعيل المخالفات والغرامات والعمل يداً بيد لسلامة وطننا الغالي والمقيمين فيه.
This article was originally published in Emarat Alyoum on May 16, 2010. A screenshot of the article can be downloaded Here.