حظيت في الأسبوع الماضي بفرصة لمشاهدة حدث إماراتي ضخم في قلب العاصمة البريطانية لندن. كان الحدث عرض أزياء في «اليوبيل الفضي لأسبوع لندن للموضة»، للمصمم الإماراتي خالد بن سلطان القاسمي، الذي اختار اسم «قاسمي» علامته التجارية. كانت القاعة الكائنة في الطابق الأول من مخزن قديم تم تحديثه على أطراف شارع أكسفورد مملوءة بشخصيات على علاقة بعالم الفن والأزياء، بالإضافة إلى مصورين وصحافيين قبل ساعة من بدء العرض. احتراماً للشفافية ينبغي الإشارة إلى أن خالد هو أحد أقاربي، ولو لم تربطني به علاقة شخصية، ومع أنه عاش سنين عدة في بريطانيا فلاتزال تصاميمه تحمل لمسات إماراتية، ففي العام الماضي أدخل الطربوش الذي يرتديه الكثير من الإماراتيين في «دشاديشهم» إلى البذلة الغربية، وفي هذه السنة شاهدت لمسات واضحة للجلابية النسائية الإماراتية في الفساتين التي تم ارتداؤها من قبل العارضات.تجربة خالد تستحق أن يتعلم منها الكثير من الشباب الإماراتي والعربي، فها هو شاب إماراتي ترعرع في وطننا ودرس في مدارس الإمارات ولا يحمل امتيازات غير إبداعه وعزيمته على النجاح في الصناعة التي اختارها لنفسه. ولكن أكثر ما يلفت النظر هو أن خالد اختار أن ينافس أكبر المصممين في ملعبهم العالمي وليس فقط في محيط العالم العربي، وهي منافسة شديدة ليس بها وساطات أو مساعدات من الدولة الحاضنة.
فتمكن خالد من استدراج بعض أشهر الشخصيات لحضور العرض الأخير منهم جيمي تشو، مصمم الأحذية العالمي، وتمكن من كسب أكبر مشاهير العالم الغربي لارتداء تصاميمه مثل اليدي غاغا والبوسي كات دولز، حتى إن مجلات عالمية في اليابان وألمانيا وإنجلترا قامت بتغطية تصاميمه منها مجلة فوغ وهاربرز بازار. وكل تلك الإنجازات تمت في أقل من سنتين.
وفكرت في نفسي أثناء العرض لماذا لا تباع تصاميمه في محال بالإمارات، وتمنيت أن أرى اليوم الذي تباع فيه تصاميم خالد وغيره من المبدعين والمبدعات الإماراتين في هارفي نيكولز وغالاري لافاييت. الحقيقة أن في مجتمع الإمارات المحافظ أحياناً والمنفتح أحياناً اخرى، نقبل أن نبيع الأزياء العالمية، ولكن نستغرب إن قال أحد إن فلاناً انتهج التصميم مهنة. ولكن هذه العقلية بدأت بالتغيير المتدرج، فعندما أخبرت أحد أقاربي بأنني حضرت العرض في لندن قال لي “أحترم ذلك الشاب الذي تبع أحلامه وأبدع في ما يحب”، وفكرت بعد ذلك كم هو جميل لو تبع كل شاب إماراتي وشابة إماراتية أحلامه واختارا المسار الذي يريداه من دون قيود. وذكرني هذا العرض بأعداد المبدعين في هذا البلد الصغير في العمر والكبير في الانجازات. وأدركت أن مستقبلنا واعد طالما به أشخاصاً يحلمون ويسعون إلى إدراك أحلامهم.
This article was originally published in Emarat Alyoum on September 27, 2009. A screenshot of the article can be downloaded here.