تناولت إحدى حلقات برنامج أميركا: حكاية الولايات المتحدة التي بثت أخيراً على شاشة القناة المتخصصة في التاريخ «هيستوري» رواية المخترع الأميركي توماس إديسون الذي له الفضل في اختراع المصباح الكهربائي عام 1879 الكثيرون لا يدركون أن إديسون لم يكتشف المصباح الكهربائي، ولكن له الفضل في اختراع مصباح عملي ذي جدوى اقتصادية في التصنيع والبيع. بعد أن استخدم مادة الكربون في المصباح. تذكرت تلك الحلقة وأنا أقرأ عن استضافة أبوظبي القمة العالمية لطاقة المستقبل هذا الأسبوع بحضور العديد من المسؤولين في عالم الطاقة المتجددة والحديثة من أميركا وبريطانيا وروسيا وغيرها. في العام الماضي حضر المؤتمر قرابة 25 ألف شخص من 148 دولة، من بينهم مستثمرون وباحثون ومسؤولون حكوميون، ولكنْ هناك إضافتان إلى مؤتمر الطاقة لهذا العام، أولاهما ملتقى الأعمال الذي سيبحث كيفية ترجمة كل التطورات الحديثة في عالم الطاقة المستقبلية من تجارب مختبرية إلى بضاعة عملية يتم تسويقها إلى المستخدمين. الطاقة المستقبلية تعد تكملة لاكتشاف إديسون بعد نحو قرن ونصف القرن، ومثل ذلك الاكتشاف إن لم نستطع أن نسوق الفكرة إلى الجمهور العام ستبقى الطاقة المتجددة والمستقبلية في أيدي القليلين. يقال إنه كان على إديسون أن يختبر قرابة 6000 مادة قبل أن يجد أياً منها هي الأفضل، واليوم بسبب تطور الحاسب الآلي سيكون من الأسهل علينا تفعيل بعض الأبحاث، ولكن في الحقيقة ازداد عدد الأفراد على الكرة الأرضية من مليار ونصف المليار، حين كان إديسون على قيد الحياة إلى قرابة سبعة مليارات اليوم. فسيكون إيجاد مصادر مختلفة للطاقة إحدى أولويات هذا القرن، ومن الأفضل لنا أن نكون من السباقين في هذا المجال كي لا نفاجأ باكتشاف لا يد لنا به.
ولكي ننجح في تجربتنا في إيجاد طاقة مستقبلية عملية لابد للمستثمرين أن يجتمعوا مع العلماء والباحثين، ولكن يوجد عنصر أخير لا ينبغي لنا أن نتناساه، ألا وهو اهتمام الجمهور العام. فقد قال جيمي ويلز مؤسس موسوعة ويكيبيديا إن توماس إديسون كان قد ــ باع ــ فكرة المصباح الإلكتروني للجمهور الأميركي حتى قبل أن يكتشف السر. فاهتمام الجمهور مهم ليكون أي منتج ناجحاً تسويقياً. فقاموا بإنشاء حساب على مدونة الـ«تويتر» التي يتمكن من خلالها الجمهور أن يسأل الحضور في المؤتمر، سواء كانوا علماء أو مسؤولين حكوميين عبر شاشة ضخمة تظهر الأسئلة بعد ثوانٍ من إرسالها. وقال أحد المحررين الأميركيين إن مؤتمر الطاقة المستقبلية سيحدث في مدينة أبوظبي، ولكن أيضاً سيحدث عبر الإنترنت وجهاز الهاتف المحمول لمن يريد المتابعة. وقامت «مصدر» بتعيين عايدة البوسعيدي، وهي آنسة إماراتية لها خبرة في مجال الإعلام القديم والجديد، لتتواصل مع الجمهور. وستقوم «مصدر» بنقل 2000 طالبأ من 60 مدرسة حول الدولة، لزيارة الشركات المشاركة وحضور المؤتمر. وأصبح التواصل مع الجمهور جزءاً أساسياً من سياسات «مصدر»، وإن نجحت في تفعيل اهتمام الجمهور، فستكون مثل إديسون قد خطت خطوة كبيرة في الطريق إلى الاكتشاف التاريخي المرتقب.
This article was originally published in Emarat Alyoum on January 16, 2011. A screenshot of the article can be downloaded Here.