يقع في الجانب الغربي من شارع الشيخ زايد في دبي، مبنى رائع يبلغ من العمر 53 سنة ويعد من كنوزها المعمارية. المبنى الذي أمر بإنشائه الشيخ راشد بن سعيد، طيب الله ثراه، والد مدينة دبي الحديثة، يضم المركز الرئيس لشركة بترول دبي، كاد يكون مصيره الزوال لولا تداعيات الأزمة المالية العالمية. فلم أرَ له وجوداً في تصميم منطقة السطوة الجديد عند زيارتي لسيتي سكيب الأخير. في رأيي تجب المحافضة على هذا المبنى الرائع المتكون من أربعة طوابق، الذي يحتوي على مؤسسة عريقة خدمت دبي لمدة أربعة عقود في حال أخلي من قبل الشركة، ولا يكون مصيره الهدم. فهذا المبنى له تاريخ عريق بدايةً بمنشئه الشيخ راشد وبمصممه المهندس المعماري العربي الأكثر شهرة فيكتور بشارة، الذي توفي في عام ،1996 بلغ المهندس الفلسطيني الأصل مستويات عالية من الشهرة، حتى طلب منه والت ديزني تصميم اكبر مدينة ترفيهية في العالم في اناهايم، كاليفورنيا منذ نصف قرن. فلا أفضل مصير لهذا المبنى في رأيي سوى تحويله إلى مركز عام، أو إلى متحف للفنون العربية الجميلة، وهو بالتأكيد أفضل من هدمه لإنشاء برج سكني آخر أو مكاتب. قرأت قبل ثلاث سنوات أن دبي تنوي إنشاء متحف وحي للفنون في منطقة الخور بتكلفة تصل إلى 50 مليار درهم وهو مبلغ كبير جداً. اتمنى على السلطات المسؤولة في مدينتنا الحبيبة أن تتعلم من تجربة المدن العالمية الأخرى في هذا المجال فمثلاً قامت مدينة لندن بتحويل محطة توليد كهرباء إلى أحد أشهر المتاحف في العالم، المعروف اليوم بالتيت مودرن، وأيضاً قامت مدينة باريس بتحويل محطة أورسي للقطارات إلى متحف فنون للقرن العشرين، وفي الخليج تجربتان مهمتان، أولاهما مدرسة الشرقية بالكويت التي أصبحت متحفاً للفنون الكويتية والعربية، وفي الشارقة تم تحويل سوق المجرة الجميل ليكون أول متحف للحضارة الإسلامية في الخليج. تستطيع دبي بفعل الشيء نفسه أن توفر الكثير من المال والمحافظة على صرح تاريخي يخدم الأجيال المقبلة، كما خدم الكثيرين من قبل. أحياناً في سباقنا مع الزمن للتطور قد نخسر بعض المباني التاريخية.أتذكر مبنى دناتا الجميل الذي كان يشبه خلية النحل، وكيف تمت تغطيته بزجاج. هل سنغطي يا ترى برج راشد أيضاً بزجاج في المستقبل لنواكب التطور؟ لقد حظيت بزيارة مبنى دبي للبترول واكتشفت أنه أجمل من داخله من خارجه. تعلوه 51 نجمة إسلامية تشع من خلالها الشمس لتنور الباحة الداخلية، وبها مساحاتٌ شاسعة لا تفصل بين مكاتبها سوى جدران خشبية لن تكلفنا تفكيكها 50 مليار درهم، ولا حتى 50 مليون درهم. بداخلها أقسام نستطيع تحويلها إلى معارض للفن الحديث والخط العربي وغيرها. يقع هذا المبنى في قلب دبي الحديثة، بين شارع الشيخ زايد العريق، وبرج دبي الشامخ، ومنطقة جميرا الراقية. بالمحافضة عليه سنوجه رسالة إيجابية للجميع بأن دبي تهتم بالمباني القديمة، وبأن الحضارة والفنون في قلب دبي الحديثة. وأنا متأكد من أنه لن يبخل محبو دبي من مستثمرين مواطنين وأجانب، بإهداء بعض القطع الفنية لهذا الصرح المعماري، كما لم تبخل دبي بعطائها لهم لعقود مضت، والمتواصل إلى اليوم. فلا مصير أفضل لهذا المبنى الجميل والتاريخي عند اخلائه سوى أن يتحول إلى متحف للفنون العربية تقديراً للشيخ راشد بن سعيد، طيب الله ثراه، واحتراماً للحضارة العربية العريقة، وهديةً منا لمدينتنا التي نحبها بلا حدود، دبي الرائعة.
This article was originally published in Emarat Alyoum on November 08, 2009. A screenshot of the article can be downloaded here.