في عام 2002 أنشئ المبنى الجديد لسفارة الإمارات في واشنطن. في هذا المبنى ذي الـ61 ألف قدم تترجم سياسة الإمارات الخارجية الجديدة. ويعود الفضل في ذلك إلى سفيرنا الشاب يوسف العتيبة، خريج جامعة جورج تاون.في الواقع سفارتنا في واشنطن كانت دائماً سباقة، ففي الماضي كانت أول سفارة تضم دبلوماسية إماراتية، هي السيدة حصة تريم عمران، وشهدت أيضاً إنشاء أول مكتب تجاري دائم للدولة في الخارج، تحت إشراف معالي ريم الهاشمي، عندما كانت منتدبة إلى واشنطن من الدولة.
ولكي يفهم المرء حجم التغيير الذي أشرف عليه السفير الشاب، إليكم هذه الرواية:
في ربيع 2006 اشترت موانئ دبي شركة «بي آند أو العالمية للملاحة وإدارة الموانئ».لكن تلك الصفقة اصطدمت بسياسات داخلية للولايات المتحدة، إذ رفض الكونغرس الأميركي تمريرها بأغلبية ساحقة بلغت 26 ضد 2 في التصويت.
كثيرون منا في الإمارات يتذكرون المجهود الكبير الذي بذلته معالي ريم الهاشمي في الظهور على شاشات تلفزيون أميركية عدة، في اليوم الواحد، للحديث عن الإمارات، وشرح موقفنا من الصفقة، التي علمتنا أن النظامين الجمهوري والديمقراطي في أميركا، يحتاجان إلى أكثر من موافقة البيت الأبيض على بعض الصفقات؛ يحتاجان إلى موافقة الكونغرس.
وإذا انتقلنا ثلاث سنوات إلى المستقبل، إلى سنة 2009 ،سنرى أن الإمارات تمكنت من كسب موافقة الكونغرس والبيت الأبيض على تمرير اتفاقية الطاقة النووية للأغراض السلمية، فكيف تمكنت دولة واجهت الرفض في موضوع شراء موانئ عدة، إلى كسب الموافقة على مشروع الطاقة النووية، مع أنه أكثر حساسية؟
الحقيقة أن مجهوداً جباراً بذله عدد كبير من الأفراد في الدولة. ولكن كثيراً منه يعود إلى السفير العتيبة، الذي حول السفارة من مجرد مركز لخدمة الطلبة والمتعالجين والدبلوماسية المعتادة، إلى مركز متفاعل مع محيطه بشكل استراتيجي.
فقد انضم جيل جديد من الدبلوماسيين الشباب إلى السفارة، يتكون من خليط من مجتمع الإمارات، أنتجوا مرجعاً متكاملاً لمساعدة الشركات الإماراتية في زياراتها التجارية للولايات المتحدة.
وعلى سبيل المثال، فقد زارت إحدى شركات الطيران الإماراتية أخيراً شيكاغو. وقدم لها فريق عمل السفارة كتيباً أعد خصيصاً لها، يتضمن معلومات مهمة ومفيدة، تسهل عليهم مهمتهم. ويضم الكتيب معلومات عن حجم تجارة الإمارات مع أميركا ومع الولاية التي سيزورونها، وحتى مواعيد الصلاة في تلك المدينة. كما تم إعطاؤهم إرشادات عن كيفية التعامل مع الصحافة الأميركية، حتى يتمكنوا من إيصال المعلومة الصحيحة لجمهورهم.
أهمية هذا الكتيب كبيرة جداً، فخلال إعداده عرفنا أن الإمارات هي رابع أكبر وجهة تصدير لولاية واشنطن، مقر شركة «بوينغ» العملاقة. وتخلق مشترياتنا منها 42 ألف وظيفة هناك. من المهم أن تكون معلومات كهذه في متناول أيدينا عندما نجري زيارات تجارية.
قال لي فراس وهو مواطن في العشرينات من عمره، يعمل في السفارة، إنه سيذهب إلى جامعة «هارفارد» حيث تخرج، للحديث عن الإمارات للخريجين والطلبة.
وقال سعود، وهو خريج الجامعة الأميركية في الشارقة، إنه متوجه إلى مجلس الشؤون الدولية في سياتل للحديث عن الإمارات. ويقوم طاقم السفارة الشاب بمساعدة الشركات الأميركية والإماراتية لتشجيع التجارة البينية بين الدولتين، من خلال تزويدها بالمعلومات الصحيحة.
في خلال فترته القصيرة حتى الآن في واشنطن، أجرى السفير زيارات عدة إلى نيويورك وشيكاغو ولوس أنجلوس التي ستنشأ فيها قنصليات إماراتية. وقال لي السفير: «أحاول أن أركز على توطيد علاقة الإمارات في واشنطن. ولكن أخطط لزيارة عدد كبير من الولايات الأميركية في السنة الثانية من تعييني».
عرفت حينما كنت في واشنطن أن الكونغرس وافق على اتفاقية الطاقة النووية للاستخدام السلمي ولم أستغرب أبداً، فقد كان أكثر من 70٪ من أعضاء الكونغرس على دراية تامة بالمشروع، من خلال الزيارات والحديث معهم. أخبرني فراس وسعود بأن تجربة موانئ دبي كانت إيجابية في النهاية.
وقبل مغادرتي، سألت العتيبة عن رؤيته للسفارة فأجاب، «أريد أن يتعرف الشعب الأميركي إلى الإمارات، ويزوروها، كما أسعى إلى تكثيف التجارة والتبادل الثقافي بيننا». لذلك أقول: إذا كان حدسي صحيحاً في أن سفارتنا في واشنطن هي الأنموذج الجديد للتمثيل الدبلوماسي للدولة، فسيكون مستقبل الإمارات الدبلوماسي أكثر إشراقاً. وإنجازات السنة الأخيرة تثبت مدى نجاح تلك الاستراتيجية.
This article was originally published in Emarat Alyoum on November 30 2009. A screenshot of the article can be downloaded Here.